أوقع مصرف لبنان المركزي البلاد في أزمة مالية تركت ملايين المودعين دون الوصول إلى مدخراتهم، واتجه البعض إلى إجراءات متطرفة، وأصبحوا أبطالًا شعبيين في هذه العملية.
كانت عائلة حافظ بحاجه لاستعادة أموالهم التي بلغت 20 ألف دولار من بنك بلوم ش.م.ل، وذلك لعلاج نانسي حافظ لسرطان الدماغ، لكن البنك لم يسمح لهم بسحبه، عندما مرضت نانسي لدرجة أنها لم تتمكن من مواصلة الضغط على مدير الفرع نيابة عنها، مما جعل أختها سالي تتولي المسؤولية.
وتوسلت سالي لمدير الفرع لإعطائها المال لإنقاذ أختها، وقال المدير إنه يمكن أن يسحب من الحساب ما يعادل 200 دولار شهريًا بالليرة اللبنانية، مما جعل سالي تقرر هي وشقيقتها الثالثة أن يسطو على البنك بمسدس مزيف وعلبة بنزين.
ففي صباح أحد الأيام في سبتمبر الماضي، قامت سالي ببث عملية السرقة، حيث اتجهت نحو منضدة فرع بلوم في بيروت، وهي تلوح بمسدس لعبة من البلاستيك لابن أخيها، وصرخت سالي وهي تقف على طاولة، وتضع السلاح الوهمي في حزام الخصر وقالت جئت إلى هنا اليوم للحصول على نقود أختي.
لإثبات أنها جاده سكبت إكرام البنزين على رأسها وهددت بإضرام النار في نفسها إذا لم يسلم الموظفون النقود، ووضعت الأختان 13000 دولار في أكياس، وهو ما يكفي لبدء علاج نانسي وهربوا من مكان الحادث، وتخلصوا من البندقية المزيفة في الخارج.
في وقت لاحق من ذلك الأسبوع ظهرت والدتهم هيام حافظ ، في الأخبار المحلية، لكنها لم تطلب من فتياتها تسليم أنفسهن بل قالت لم نأخذ نقوداً ليست لنا وكانت هذه أموالنا التي وضعناها في البنك.
وكانت سرقة الأخوات حافظ واحدة من ثماني حوادث من هذا القبيل في شهر واحد في لبنان، حيث تحول المودعون اليائسون إلى السطو على البنوك لاستعادة مدخراتهم.
ودفعتهم سلسلة من الكوارث المتداخلة إلى هذه النقطة، بما في ذلك انفجار 2020 القاتل في ميناء بيروت، والذي أسفر عن مقتل 218 شخصًا على الأقل، ومع ذلك فقد كان الانهيار المستمر للنظام المصرفي في البلاد من أهم الأسباب.
واليوم الاقتصاد اللبناني في حالة من الفوضى، حيث تجاوز معدل التضخم 170٪ العام الماضي، وتقول وكالات التصنيف الائتماني إن هذا العام قد يكون أسوأ، ويمكن للمواطن اللبناني العادي الذي لديه أموال في البنك أن يتوقع صفقة مثل عرض عائلة حافظ وهو ربح نسبي من مدخراتهم.
وتتزايد عمليات السطو على الأغذية والأدوية الأساسية وحليب الأطفال وحفاضات الأطفال، ويقول إبراهيم عبد الله، عضو جمعية صرخة المودعين، وهي مجموعة احتجاجية ساعدت شقيقات حافظ في التخطيط لسرقتهم: لقد شرعوا في سرقة أموالنا، الناس هنا تريد فقط البقاء على قيد الحياة.
عندما بدأت الأزمة المالية، كان جبران باسيل كبير مستشاري رئيس لبنان آنذاك، ميشال عون، وهو أيضًا والد زوجته، وباسيل هو وزير قوي خدم لفترة طويلة ويرأس الحزب القومي المسيحي المسمى التيار الوطني الحر، كما عوقب شخصيًا من قبل وزارة الخزانة الأمريكية في عام 2020 بسبب مزاعم بالفساد، والتي وصفها بأنها ذات دوافع سياسية).
بالنسبة للعديد من اللبنانيين العاديين الأمور سيئة بالفعل وتزداد سوءًا، فلم تعد مصابيح شوارع بيروت مضاءة ليلاً، لأن مرافق الكهرباء الحكومية منخفضة في الوقود والأموال، وكان لبنان بلا رئيس منذ استقالة عون في أكتوبر / تشرين الأول، وبدت الحكومة مشلولة أكثر.